الشروق تفتح ملف التدين في الوسط الرياضي
لم يكن الأمر ليصل إلى مستوى الظاهرة، بحكم أننا في دولة إسلامية، ولم يكن ليصل اللاعب الملتحي أو المتدين ليصبح شاذا عن القاعدة في ملاعبنا، لأننا شعب مسلم، لكن الحقيقة غير التمني والواقع مختلف عن النظريات والقيم الموروثة. المتدينون في الملاعب ظاهرة إيجابية إذا سلمنا أن كرة القدم أحلها الله لعباده وإن كانت من المحرمات، وللحديث مجرى آخر لسنا مختصين أو مؤهلين للخوض فيه.. لاعبونا لا ينامون مبكرا ويقضون أول الليل وآخره في الملاهي يجالسون الجميلات ويدخنون السجائر ويرقصون على الأنغام الصاخبة ويركنون إلى الراحة في الأركان المظلمة وأشياء كثيرة لا تقبلها الرقابة الذاتية التي تمنعنا من كتابتها..
لاعبونا أو معظمهم -على الأقل- عملة قابلة للصرف في كل المواقف بحكم ارتباطهم الوثيق بملذات الدنيا يمقتون التدريب بجدية. عندما يلتزم اللاعب بتعاليم الدين الصحيح يعتدل في حياته اليومية يمارس كرة القدم كرياضة وعمل للكسب الحلال ويؤدي هذا إلى التزامه في التدريب وجديته في المباريات الرسمية وابتعاده عن الغش وترتيب اللقاءات عند نهاية كل موسم.. ينام مبكرا وينهض كذلك وللعمليتين فائدة صحية أثبتها العلم الحديث بالأدلة الدامغة.
وعندما نقارن بين المشهدين نصل إلى نتيجة واحدة لا تقبل النقاش عند العقلاء، لكنها في واقعنا قابلة للبيع والشراء، نحن مجتمع عاطفي يحب الدين على طريقة العشاق الذين يحتفلون بالقديس فلانتين اليوم في الحدائق والأماكن المغلقة وعندما يشاهدون مآسي العراق والمجاعة في معظم الدول الإسلامية يتأثرون وينددون...؟
مونديال 1982 ورمضان
تزامن أول مونديال تشارك فيه الجزائر في إسبانيا عام 1982ببلوغ الصحوة الإسلامية التي طرقت أبواب الجزائر مرحلة حاسمة جدا، ففي لقاء الجزائر ضد النمسا اقتحم مشجع جزائري ملعب (أوفييدو) وأدى الصلاة في وسط الميدان أمام دهشة العالم وكانت تلك المباراة الوحيدة في مونديال إسبانيا التي تأخرت عن موعدها بثلاث دقائق بسبب الركعتين اللتين أداهما ذاك المشجع، كما صادفت الدورة في المباراتين الأخيرتين من الدور الأول شهر رمضان المعظم، ولم يؤد فريضة الصيام كل اللاعبين، مع العلم أن التلفزيون الجزائري خلال التربص الذي سبق المونديال الذي أقامته تشكيلة محي الدين خالف في سويسرا قدم بعض اللاعبين يؤدون الصلاة وهم عبد الغني جداوي وتاج بن ساولة وصالح عصاد ومحمود قندوز والحارس الثالث ياسين بن طلعة... وفي الموسم الموالي للمونديال أصبح التدين ميزة عدد من اللاعبين وحتى الفرق وبدأت الظاهرة مع فريق اتحاد الحراش الذي كان يضم عبد القادر مزياني ومدكور وراحم »الكبير« حيث جلب الاتحاد أنظار المتفرجين عندما كان يؤدي لاعبوه الصلاة جماعة قبل كل مباراة. وقبل ذلك كان في صفوف شباب قسنطينة لاعب من الأواسط يدعى بوضياف فاز مع السنافير بكأس الجزائر للأواسط ضد القبة التي ضمت صبار وعصاد عام 1978 وفضل هذا اللاعب الذي كان (داعية) في الملاعب ترك كرة القدم بالرغم من أن كثيرين ومنهم سعدان تكهنوا له بتقمص ألوان الفريق الذهبي الجزائري.
وعلى نبض »الشارع« خفق الملعب أيضا وسار مع تيار التدين في السياسة، حيث انضم عدد من مشاهير الكرة والرياضة إلى الجبهة الإسلامية للإنقاذ مثل اللاعب الشهير صالح عصاد والحارس السطايفي عنتر عصماني الذي تزامن تألقه بظهور الفيس عندما فاز المنتخب الجزائري عام 1990 بكأس إفريقيا للأمم وأعلن عصماني صراحة بعد الفوز التاريخي في النهائي على نيجيريا (1 - 0) بأنه يهدي الكأس للجبهة الإسلامية للإنقاذ التي تقمص »حزبها« عدد من المشاهير القدامى مثل اللاعب قريش رحمه الله. ومع ظهور الموجة السلفية أفرزت الملاعب طائفة جديدة من اللاعبين السلفيين ومنهم لاعب النصرية بلهادف ولاعب الموك قريش والكثيرون من الذين تبدو سماة »السلفية« في وجوههم وفي تعاملهم مع المحيط.
لاعبون رفضوا الاحتراف من أجل الدين
[/size]انتقل منذ ثلاث سنوات دفعة واحدة اللاعبان غازي كريم من اتحاد العاصمة وداود بوعبد الله من مولودية وهران إلى الترجي التونسي وقدما في بداية الرحلة عروضا قوية جعلتهما ينالان مكانا أساسيا في البطولة وأيضا في تصفيات رابطة أبطال إفريقيا، إلى أن حل شهر الصيام وأجبرتهما الإدارة على الإفطار فاختارا الطلاق مع الفريق والعودة إلى الجزائر. كما اشتكى عبد الحفيظ تاسفاوت من المعاملة القاسية التي عومل بها مع (غينغون) في موسميه الأخيرين في فرنسا بسبب صومه شهر رمضان. المؤكد أن كل اللاعبين من دون استثناء يؤدون الصيام وما لا يقل عن 90٪ يؤدون الصلاة وهو ما جعل الآن اللاّتدين هو الغريب وليس التدين.
التدين عالميا: إيران بدأت... والسعودية واصلت
كانت مصر أول دولة مسلمة شاركت في المونديال عام 1934 ولكن إيران عام 1978 هي التي جلبت الأنظار، حيث كانت تعيش حينها آخر أيام شاه إيران وبلغت الثورة الخمينية ذروتها. فخلال أول مباراة ما بين إيران وهولندا في مونديال الأرجنتين، تميزت دخلة إيران إلى الملعب بحمل المدربين لمصحف يقوم كل لاعب بتقبيله، إضافة إلى ارتداء حلقات مكتوب عليها أسماء آل البيت، رضي الله عنهم. ومع بداية المشاركة السعودية في المونديال، في أول مشاركة لها في أمريكا 1994 وتأهلها إلى الدور الثاني، شغل لاعبوها الكاميرات عندما لجأ الهداف دائما إلى السجود الذي أصبح تعبيرا عن الفرح وأيضا عن الشكر للّه.
في مولودية الجزائر... بابوش يؤذن وبوقاش يؤم الصلاة
قصة لاعبي الفريق الأكثر شعبية، مولودية الجزائر، مع التدين يختصرها اللاعب الخلوق الحاج بوقاش ذو 23 ربيعا وأحد أفضل اللاعبين في البطولة الحالية. ويعرف عن بوقاش محافظته على أداء فريضة الصلاة في وقتها والتفقه في الدين من خلال مداومته على مطالعة الكتب الفقهية وكتاب الله تعالى. ويقول بوقاش »قراءتي القرءان تحفظني من أي مكروه، فأنا على عكس البعض من زملائي اللاعبين لا ألجأ إلى الرقية المتكررة خشية العين أو الحسد أو أمور أخرى، لسبب واحد هو أني مداوم على قراءة القرآن والذي يحفظني من كل مكروه«. وفي شهر رمضان، الذي يخصص فيه اللاعب كل أوقاته للعبادة وجزء منها للتدريبات، يصر على ارتداء الزي الإسلامي من قميص وطاقية الرأس، وأداء الصلاة المفروضة في وقتها بالمسجد. ورغم أن أغلب لاعبي المولودية يواظبون على أداء الفرائض، فإن مظاهر التدين تبدو واضحة تماما على تصرفات وأخلاق اللاعب بوقاش وزميله بابوش.
مظاهر التدين في روما
ففي آخر رحلة للفريق إلى خارج البلاد بالرياض السعودية، كان هذا الثنائي مواظبا على أداء صلاة الفريضة في المسجد بفندق »الرياض بلاس« رغم أن اللاعبين مسافرين وبإمكانهما التقصير. وأثناء رحلة عودة الفريق إلى أرض الوطن مرورا بالعاصمة الإيطالية روما، وبعد حلول منتصف النهار قام بابوش بالأذان بمطار روما بعد أن جهز مكانا لأداء الفريضة، وأمام دهشة المسافرين الذين كان يعج بهم المطار، أمَّ الحاج بوقاش جموع الحاضرين من لاعبي المولودية قبل أن ينضم الوفد بأكمله لأداء فريضة صلاتي الظهر والعصر جمع تقديم في مشهد رائع يطبعه الخشوع. ويعرف عن بوقاش تفقهه في الدين وحفظه القرآن منذ طفولته، فهو من أسرة محافظة، وذو مستوى جامعي، فبالإضافة إلى ممارسته للعبة الكرة، فهو يواصل دراسته الجامعية في تخصص الأشغال العمومية.
تلاوة القرآن باستمرار والمواظبة على أداء الفرائض
وفي أحد تنقلات الفريق إلى اليمن قبل ستة أشهر، وفي محطة توقف الفريق بمطار القاهرة في وقت فضل أغلب لاعبي المولودية التسوق والتجول بأجنحة المطار، كان الحاج بوقاش بجسمه النحيل معتكفا بمصلى المطار يتلو آيات من القرآن زادته خشوعا. وفي نفس الرحلة حينما حطت الطائرة بمطار العاصمة اليمنية صنعاء وبعد رحلة شاقة خلد اللاعبون إلى النوم باستثناء القليل، كان من بينهم بوقاش الذي فضل تلاوة القرآن وأداء صلاة الفجر في وقتها جماعة، بينما كان البعض الآخر غير مبال بصلاة بوقاش بعد أن رفع من صوت التلفزيون يتفاعل مع أحد الأفلام. ويعترف الجميع من لاعبي المولودية أن بوقاش غير متطرف ولا يغلو في الدين، فهو كثير الدعابة والابتسامة، حريص على أداء واجباته فوق الميدان وخارجه، وهو ما يؤكد تفوقه في الدراسة وفي لعب كرة القدم، وكذلك في كسب مودة الجميع. ويظهر بوقاش في مباريات الفريق بسروال يستر عورته من التبان القصير، كما أن تصرفاته فوق الميدان وعند شربه للماء وهو جالس توحي بتدينه واقتدائه بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
عدل سابقا من قبل في 2007-04-09, 08:33 عدل 1 مرات
2011-12-01, 19:58 من طرف heedar
» انا مصنع لي الصناعات الخشبيه بمصر ابحث عن عماله مصريه
2011-11-17, 16:41 من طرف مصنع البنا
» طلب عمل
2011-03-01, 20:42 من طرف Ali31000
» طلب عمل او بحث عن عمال
2011-02-13, 16:19 من طرف omar88
» ركن **الباحثيـــــــــــــن عن وضيــــــــــــفة**
2011-01-01, 13:20 من طرف silvermayk
» أحصل على لاب توب مجاني مقدم من شركة EZLapTop
2010-03-11, 11:12 من طرف toto41
» هل تريد ان تكون ثروة ؟
2010-03-05, 20:38 من طرف عبد الغاني قاضي
» عناوين جمعيات خيرية
2010-03-05, 20:20 من طرف عبد الغاني قاضي
» رقم هاتف المطربين( هواري دولفن شاب رضوان و شاب بلال "
2009-05-13, 19:30 من طرف helala